علموهم شيئا من الأدب

 شئ من الأدب

في زيارة من زياراتي لأهلنا بالجيزة جلست مع سيدة طاعنة في السن قد يتجاوز سنها بضع وتسعين سنة لكنها كانت تملك ذاكرة تفوق هارد الكمبيوتر،هذه السيدة ام زوج أختي (حمات أختي )وبالمناسبة هي بنت خالة أبي ،الخالة الوحيدة فليس لأبي خالة سواها ،ولدت تلك السيدة في قطور وعاشت وقتا كبيرا هنا بقريتناعند خالتها (جدتي)،فوجئت بها أثناء الحديث تردد علي كلمة عمي فلان وأبويا الحاج فلان وخالي فلان ،،،، ،،،،،
ما ذكرت اسما إلا ووقرته باحترام شديد رغم أن من ذكرتهم قد رحلوا عن دنيانا منذ عقود طويلة .
قولت سبحان الله سيدة في هذا السن وتخجل أن تذكر الناس دون القابهم !
وما ضرها لو قالت فلان دون ذكر لقبه !
وهنا وقفت متاملا الكلام الجميل والأدب المتدفق من فيها رحمة الله عليها وعليهم أجمعين.
وقولت حقا من شب علي شئ شاب عليه،فقد كانت عادة الناس احترام بعضهم البعض فلا يمكن أبدا ذكر فلان دون لقبه وهذا من موروثات ادابنا الاجتماعية .
ففلان الكبير :-أبويا الحاج .
وفلانة :-عمتي الحاجة.
واذا تساويا في السن :-ابو فلان وأم فلان .
وفلانة الغريبة :-خالتي فلانة .
والجار اب والجارة ام وابنائهم إخوة .
فالادب أدب التربية تسقيه الأسرة نشئها الصغير منذ نعومة أظفاره ،لا علاقة له بفقر او غني أو تعليم وجهل ،فكم من متعلم جاهل بفنون الأدب !
وكم من جاهل عالم بالأدب مؤديه لأصحابه!
فلا نفع في علم تجرد صاحبه من حلية الأدب.
الأدب يرفع مكانة صاحبه بين الناس وكأنه الشمس المشرقة أو البدر في ليلة تمامه.
يعرف الإنسان بادبه لا بعلمه ،فالعلم ينير العقول والأدب يكسوها بهاء وجلالا وحبذا العلم مع الأدب !
الأدب ينمو مع صاحبه مرافق له فمن رضع الأدب في الصغر زانه في الكبر.
وما نراه اليوم من سوء الأدب بين الأجيال الحالية فهو نتيجة طبيعية لانحرافنا عن موروثاتنا الجميلة ،وترك النشئ فريسة للأفلام والمسلسلات الهابطة جسدت وزرعت بذور الجريمة والوقاحة وعدم الحياء حتي اضحي الشباب مقلدين لها في اللغة والأفعال.
أولادكم أولادكم علموهم آداب الحديث وتوقير الكبير واحترام الآخرين.
ابناءكم زرعكم فاحسنوا الرعاية تحسن الثمار .
علموهم شيئا من الأدب .
دمتمت في رعاية الله وحفظه
محمود السايس

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق