جيل من قرية الشين | ذكريات جيل الثمانينات والفرق بين أمهات جيل اليوم البائس وأمهات الرجال
قريتى من الريف المصرى الجميل انا من ابناء الريف مواليد ١٩٨٠ اخر اجيال الطعام الحلال والشراب الحلال والزواج الحلال والسفر الحلال جيل البساطة والرقى والاخلاق كانت دراستنا عبارة عن شنطة من القماش تقوم الوالدة بتفصيلها لنضع بها الكراسة وكتاب المدرسة وفى بعض الاحيان قصص من تاليف نبيل فاروق والاكيد من سلسلة رجل المستحيل نخرج فى الصباح برفقة بعضنا البعض اصدقاء الطفولة البريئة وعندما نصل الى بوابة مدرسة الشين الابتدائية الرسمية المشتركة يخرج كلا من مصروفه الذى عبارة عن خمسة قروش نشترى الرغيف وعليه قرصين من الطعمية التى لا ينسى طعمها الرائع احدا من الاقران وعندما يحين ميعاد المدرسة تفتح البوابة ندخل جميعا نقف فى طابور الصباح وتبدأ اذاعتنا المدرسية الجميلة نستمع الى القرآن الكريم وانشودة من احد مواهب جيلنا العظيم
ثم تحية العلم التى كانت تخرج بكل حزم وعزة من حناجرنا الصغيرة التى تفخر بمصريتنا يتفاعل معنا معلمينا الاستاذ حسين محمود رحمه الله والاستاذ عبدالوهاب شرباش يمرون بين صفوفنا والاستاذ على عبده اطال الله فى عمره ايضا كلما مروا بيننا تاخذنا الحماسة اولاد وبنات ثم بعد انتهاء طابور الصباح نصعد الى الفصول التى زيناها بكتابات من المنهج على الواح الورق فى منافسة بيننا وبين الفصول الاخرى لقد كنا نعد المدرسة الواجب الاول اهتممنا بالدراسة اكثر من الطعام والشراب اهلونا الطيبين الزراع الذين انهكتهكم الارض وسهر الليالى بالحقول لتعليمنا ارادونا افضل منهم تمر الحصص يليها الحصص حتى تاتينا الفسحة بالجرس الذى ننتظره جرس الفسخة نخرج الى بوابة المدرسة لنشترى بالخمسة قروش الاخرى الساندوتش الاخير وبعد انتهاء اليوم الدراسى نرجع الى بيوتنا لنجد فى انتظارنا مدرسة اخرى وهذه المدرسة لن تجدها إلا فى الريف المصرى مدرسة قوية تتميز بتخريج افضل المصريين فى السلطة والقضاء والدين والرياضة انها مدرسة الام المصرية الفلاحة التى لطالما لم تأخد حقها من الذكر لانها لم تريد ذلك ولم يشغل بالها كل ما شغلها هو كيف تربى الابناء وكيف تجعلهم سعداء كافحت هذه الام المدرسة فى ظروف تجهلها نساء المدينة كانت تقوم من الفجر قبل الجميع
ملحوظة انقرضت تلك المدرسة التى كانت تلد وتنجب طبيعى بدون تدخل جراحى لاخراج جيل ناجح هناك فرق اكيد بين جيل خرج الى الدنيا من ام قوية وبين جيل خرج من ام ضعيفة هزيلة لا تقوم من الفجر إلا لترى اشعارات هاتفها
ام كانت تحمل هم الابناء والزوج واهل الزوج واخوات الزوج وام الزوج ووالد الزوج ولا تشتكى ولا تطلب ان تعيش فى فيلا او شقة وحدها
نئن ونتألم من الواقع الاليم الذى لم نعد نرى فيه تلك الام القوية المعطائة التى كانت تستخدم الطاجن والبرام الذى تصنع به الارز المعمر وحصير الجبن والسمن الذى تصنعه لتربى ابنائها وزوجها ايضا
استبدلت تلك الام بأم تائهه بين مواقع التواصل تبحث عما يجمل بشرتها او ينعم يديها او تبحث عن اسرار وقصص مشاهير العفن الذى يغزو منازلنا
لقد اشتقت واشتقنا جميعا لتلك الايام واللحظات التى لا تنسى فى حياتنا
لقد غرتنا التكنولوجيا وجعلتنا فارين من رحمة الله ليس اليه ولكن الى المجهول
رحم الله ايام الزمن الجميل انا مصرى من جيل الثمانينات اشتقت الى ايام الطيبين
بقلم / محمود محمد الزق مدون مصرى من احدى قرى الريف المصرى
كلام رائع جدا يا استاذ محمود وجمييل جدا عندك حق كم اشتقنا الي هذه الايام المليئة بالقيم والاخلاق والمبادي التي اوشكنا افتقادها في هذا الزمان
شرف عظيم ان اسمع تلك الكلمات من مثال حى للام العظيمة والمضحية