الملافظ سعد
الملافظ سعد
كلمة من تراثنا الشعبي لاكنها تحمل الكثير من المعاني في طياتها ،فالكلمة وإن كانت صغيرة إلا أن وقعها علي النفس كبير ،في احد الأيام ذهبت لزيارة عزيز علينا ،صديق أبي وجارنا في الحقل الحاج عبد الحميد عبيد رحمة الله عليهما ،فوجدت الأب الغالي مهموما حزينا علي غير عادته ،فتعجبت من أمره وكنت اعتبره بمثابة والدي رحمة الله عليهما لحب أبي له وحبه لنا فهو من ربانا صغارا وعلمنا كبارا ،فتقربت منه وسألته ما يحزنك؟
تردد في الإجابة لكنه صارحني فقال:-سمعت المنادي ينادي أن فلانا قد مات فتركت حقلي وقلت أسرع لاحضر جنازته وفي الطريق وجدت فلانا جالسا تحت ظل شجرته.
فقلت له :-فلانا مات هلما نشارك جنازته .
فكان رده كالحجارة التي قذفت في وجهي فقال :-اللي زيك لازم يحضر الجنازات فعندي أبنائي الرجال سيحملون نعشي .
فوقعت الكلمات كطلقات الرصاص تسكن قلبي .
نسي هذا الرجل أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا وأن الباقيات الصالحات خير عند الله .
فقد أراد الله ألا يرزق الحاج عبد الحميد بأبناء لحكمة الله يعلمها.
لكنه كان من المتسارعين في الخيرات وأداء جميع الفروض في أوقاتها ماانقطع يوما عن صلاة الفجر حتي في أشد لحظات مرضه كان بن عمه المرحوم الحاج عبد العزيز عبيد يسنده الي مسجد العمري، الاثنان يتوكان علي بعضهما فنعم الصاحب والمصحوب!،يسمع الآذان يترك الحقل ويسرع الي طلمبة الماء تحت أشجار التوت فيتوضا وينادي علينا للصلاة ،ورث من الدنيا القرآن فقد كان رحمة الله عليه يحدثني عن والده ويقول( لم يترك ابي لنا ميراثا واسعا من الأموال لكنه كان دائما يقول ساورثكم القرآن يصحبكم دنيا وآخرة)
فقلت له نعم الإرث والمورث والوارث!
فهونت عليه من وقع الكلمات وغيرنا الحديث وعلت الابتسامة وجهه المشرق ودارت الأيام ومات الرجل الذي قذف الحاج بكلماته لكن المفاجأة أن من يسيرون في جنازته عدد قليل وحضر الحاج عبد الحميد جنازته وعاش بعده سنوات .
وتوفي الحاج عبد الحميد وحضرت القرية كلها مشهده فقد كان رجلا صادقا محبوبا من الجميع وتسابق الشباب يحملون نعشه وكأنهم جميعا أبنائه.
فللكلمة أثر مثل :-
*الكلمة اما أن تكون سيفا يقطع من أمامه أو ريشة نعام تهون عليه.
*الكلمة إن نطقت بها حكمتك وإن لم تنطق بها فقد حكمتها (علي بن أبي طالب)
*قل خيرا او لتصمت(محمد صلي الله عليه وسلم)
*ندمت ندمت علي الكلام مرات ولم أندم علي الصمت مرة(عمر بن الخطاب)
*الكلمات لها طعم زق الكلمة وامضغها قبل أن تتفوه بها (إمام الخطباء عبد الحميد كشك)
*بكلمة قامت حروب وهدمت ممالك وبكلمة اوقفت وعم السلام .
*بكلمة أحل الله لك زوجك وبكلمة تحرم عليك.
*بكلمة تدخل الجنة وبكلمة تدخل النار.
*بكلمة تدخل الإسلام وأخري تخرجك منه .
*الكلمة الطيبة صدقة ولك عليها أجر
*لسانك حصانك ان صنته صانك وإن هنته هانك (قول عربى مأثور)
*من ضمن لي ما بين فكيه دخل الجنة (حديث شريف)
*وهل يكب الناس علي وجوههم في النار إلا من حصائد ألسنتهم .
الملافظ سعد وتعس فتخيروا ملافظكم.
دمتم في رعاية الله وحفظه